عند
توقف الزمان و المكان, عند اصطدام البدايات بالنهايات, عند انقشاع غبار
الخيانة و انكشاف الحقائق, و مراجعة الماضي و إزالة الارتباك, لابد للتاريخ
أن يتحدّث عن صوت ضمير العرب, صاحب ريشةٍ احدّ من السيف, و رؤيا لن تموت,
هو خالق حنظلة الخالد, طفل المخيّم الشاهد, هو ناجي العلي.
اليوم, الثاني و العشرين من تموز, هو ذكرى إطلاق النار على رأس الشهيد الشاهد ناجي العلي, طلقة لو عرفت مصيرها, للعنت نفسها ألف مرة و مرة و زادتها مرة, لست أدري كيف كان لذلك الشاب الأسمر, ذو الشعر المجعّد, أن يفعل فعلته تلك, كيف أتته الجرأة ليرتكب جريمته النكراء, أخاف أو ارتعش, أفكّر أو تفكّر, أم كان عديم الأحاسيس و اليقين؟ أم كلاهما سيّان؟ أشرب قهوته العربية في الصباح التالي كعادته؟ أدخن معها سجارته و تلذذ بأول نفس؟ من يدري!
يقولون, إذا أردت أن تعرف شخصاً ما, فانظر ماذا يصنع, ناجي صنع حنظلة (أو ربما حنظلة صنع ناجي), و حنظلة هو بوق ناجي الذي يتكلم به, و سوطه الذي يعالج به اعوجاج المعوجين, من أفضل من ناجي ليتكلم عن حنظلة؟ و من أفضل من حنظلة ليعبّر عن ناجي؟
رسم ناجي حنظلة ليعبّر عن الشارع الفلسطيني و العربي (أو ربما ليعبّر عن نفسه), فرسمه حافيَ القدمين كحفاة المخيم, رسمه غير جميل, أشعث أغبر, شعره كشعر القنفد, لكن مع ذلك أحبه حب الوالدين الغير مشروط, و ربما أكثر بقليل, فقال: "إلا أن حشوته الداخلية تحمل رائحة المسك و العنبر, و من أجله سأقاتل قبيلة بأكملها عندما يُمس", و هكذا فعل, بل و أكثر, لقد قاتل ناجي العلي قبائل العرب و العجم جمعاء, مدافعاً عن مبادئه و قضيته, بريشته التي لا ترحم ظالماً, ولا تخذل مظلوماً, إلا أن طلقة الغدر رفضت الانصياع للضمير الحي, أغلقت آذانها, كما أغلقت عقلها, تسللت, خرجت, ثم مضت تجري ,حتى اخترقت جمجمته, و لست أدري إن كان ذلك كفيلاً بإيقاذها من سباتها العميق, و ربما أدري.
وُلد حنظلة في العاشرة من عمره, و سيظل في العاشرة من عمره, فهذا هو قدره, تماماً كما كان قدر ناجي أن يُهجّر من وطنه بهذا العمر, لن يكبر حنظلة حتى يعود لأرض الوطن, "وحين يعودُ, حنظلة سيكون...بعد...في العاشرة, ثم يأخذُ في الكبر بعد ذلك...قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه, إنه استثناء...ستصبح الأمور طبيعية حين يعود الوطن", حنظلة مثّل موقفاً رمزياً لناجي, الأمور لم تعد طبيعية بعد النكبة, فـ((العاديُّ)) و تهجير شعبٍ بأكمله من أرضه خطان متوازيان لا يلتقيان, حنظلة دائماً منحازٌ للفقراء, ولد ليعبّر عنهم و عن حالتهم, فـ "المهم رسمُ الحالات و الواقع و ليس رسم الرؤساء و الزعماء", لذلك كان حنظلة و رسم ناجي واقعيّ من الدرجة الأولى, عبّر عن آراء الشارع العربي و أبناء المخيمات, لدرجة أن صحيفة "ذا جارديان" البريطانية وصفته بـ "أقرب شيءٍ موجود للرأي العربي العام", و كان كذلك.
اليوم ننعى ناجي ((الجسد)) و نحتفل بناجي ((الروح)), إن الجسد و الروح كيانان منفصلان, فالجسدُ فانٍ, و الروح باقية, إنّ ناجي-و هو إسمٌ آخر لحنظلة- خُلق ليبقى, ليصبح رمزاً, و الرموز لا تموت, فهذا هو قدره الذي كتبه له خالقه, و الأقدار لا تفشل.
اليوم, الثاني و العشرين من تموز, هو ذكرى إطلاق النار على رأس الشهيد الشاهد ناجي العلي, طلقة لو عرفت مصيرها, للعنت نفسها ألف مرة و مرة و زادتها مرة, لست أدري كيف كان لذلك الشاب الأسمر, ذو الشعر المجعّد, أن يفعل فعلته تلك, كيف أتته الجرأة ليرتكب جريمته النكراء, أخاف أو ارتعش, أفكّر أو تفكّر, أم كان عديم الأحاسيس و اليقين؟ أم كلاهما سيّان؟ أشرب قهوته العربية في الصباح التالي كعادته؟ أدخن معها سجارته و تلذذ بأول نفس؟ من يدري!
يقولون, إذا أردت أن تعرف شخصاً ما, فانظر ماذا يصنع, ناجي صنع حنظلة (أو ربما حنظلة صنع ناجي), و حنظلة هو بوق ناجي الذي يتكلم به, و سوطه الذي يعالج به اعوجاج المعوجين, من أفضل من ناجي ليتكلم عن حنظلة؟ و من أفضل من حنظلة ليعبّر عن ناجي؟
رسم ناجي حنظلة ليعبّر عن الشارع الفلسطيني و العربي (أو ربما ليعبّر عن نفسه), فرسمه حافيَ القدمين كحفاة المخيم, رسمه غير جميل, أشعث أغبر, شعره كشعر القنفد, لكن مع ذلك أحبه حب الوالدين الغير مشروط, و ربما أكثر بقليل, فقال: "إلا أن حشوته الداخلية تحمل رائحة المسك و العنبر, و من أجله سأقاتل قبيلة بأكملها عندما يُمس", و هكذا فعل, بل و أكثر, لقد قاتل ناجي العلي قبائل العرب و العجم جمعاء, مدافعاً عن مبادئه و قضيته, بريشته التي لا ترحم ظالماً, ولا تخذل مظلوماً, إلا أن طلقة الغدر رفضت الانصياع للضمير الحي, أغلقت آذانها, كما أغلقت عقلها, تسللت, خرجت, ثم مضت تجري ,حتى اخترقت جمجمته, و لست أدري إن كان ذلك كفيلاً بإيقاذها من سباتها العميق, و ربما أدري.
وُلد حنظلة في العاشرة من عمره, و سيظل في العاشرة من عمره, فهذا هو قدره, تماماً كما كان قدر ناجي أن يُهجّر من وطنه بهذا العمر, لن يكبر حنظلة حتى يعود لأرض الوطن, "وحين يعودُ, حنظلة سيكون...بعد...في العاشرة, ثم يأخذُ في الكبر بعد ذلك...قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه, إنه استثناء...ستصبح الأمور طبيعية حين يعود الوطن", حنظلة مثّل موقفاً رمزياً لناجي, الأمور لم تعد طبيعية بعد النكبة, فـ((العاديُّ)) و تهجير شعبٍ بأكمله من أرضه خطان متوازيان لا يلتقيان, حنظلة دائماً منحازٌ للفقراء, ولد ليعبّر عنهم و عن حالتهم, فـ "المهم رسمُ الحالات و الواقع و ليس رسم الرؤساء و الزعماء", لذلك كان حنظلة و رسم ناجي واقعيّ من الدرجة الأولى, عبّر عن آراء الشارع العربي و أبناء المخيمات, لدرجة أن صحيفة "ذا جارديان" البريطانية وصفته بـ "أقرب شيءٍ موجود للرأي العربي العام", و كان كذلك.
اليوم ننعى ناجي ((الجسد)) و نحتفل بناجي ((الروح)), إن الجسد و الروح كيانان منفصلان, فالجسدُ فانٍ, و الروح باقية, إنّ ناجي-و هو إسمٌ آخر لحنظلة- خُلق ليبقى, ليصبح رمزاً, و الرموز لا تموت, فهذا هو قدره الذي كتبه له خالقه, و الأقدار لا تفشل.